جمال عبد الناصر والثقافة.. مؤسسات ثقافية ظهرت فى عهد الزعيم الراحل


اهتم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بفكرتين هما الثقافة والجماهيرية بمعنى إتاحة خدمات الدولة لكل طبقات الجمهور، وعليه فقد أراد دمجهما معا من خلال الثقافة الجماهيرية، وهى الفكرة الرئيسية فيما يتعلق بالثقافة كقطاع فى عهد عبدالناصر وقد أراد من ذلك تحويل الثقافة بما تنطوى عليه من فكر وأدب وفنون إلى منتج شعبوى يمكنه الوصول إلى الأماكن البعيدة عن المراكز الحضرية والمدن الكبرى وكذلك إيصال الوسائط الثقافية من كتب ومجلات إلى الطبقات الكادحة مثل العمال والفلاحين.

إنشاء وزارة الثقافة


تجلى اهتمام الرئيس عبد الناصر، بالثقافة، في إنشاء وزارة الثقافة المصرية، لتصبح مستقلة بذاتها بعدما كانت جزء ضمن اختصاصات وزير المعارف “التعليم”، فى فترة ما قبل ثورة 1952، وجاء أول ظهور لتلك الوزارة فى حكومة عام 1958، والتى تولاها الدكتور ثروت عكاشة تحت مسمى  وزير الثقافة والإرشاد القومى، ليكون أول شخص يتولى مهام الوزارة فى تاريخها، ومنذ ذلك اليوم أصبحت الوزارة المسئولة عن وضع الخطط والرؤى الخاصة، بالثقافة المصرية، والحفاظ على التراث ورعاية مكتسباته الإبداعية، والعمل على تطوير والنهوض بالفكر والأدب والفن المصرى.


وفى كتابه “مذكراتى مع السياسة والثقافة” يكشف الدكتور ثروت عكاشة عن كواليس توليه تلك المنصب، ورؤية الزعيم الراحل عبد الناصر، موضحا أن “ناصر” كانت لديه رغبة فى أن تصبح الثقافة والفنون الراقية فى متناول الجماهير العريضة وأن تخرج من أسوار القاهرة والإسكندرية، لتبلغ القرى والنجوع، حتى يبزغ فنانين جدد من تلك القرى البعيدة، يعكسون فى إبداعتهم أصالتهم الحضارية، وأن فترة عمل “عكاشة” فى السلك الدبلوماسى كانت من ضمن اعتبارات ناصر يكى يطلع الرجل على الثقافة والفنون هناك ويستطيع التعايش مع التجارب العالمية فى ذلك كى يثرى بها الثقافة فى مصر.

المجلس الأعلى للثقافة


فى عام 1956، مع صدور قرار إنشاء المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، كهيئة مستقلة ملحقة بمجلس الوزراء، تسعى إلى تنسيق الجهود الحكومية والأهلية فى ميادين الفنون والآداب، وكان المجلس بهذه الصورة هو الأول من نوعه في العالم العربى الأمر الذى دفع العديد من الأقطار العربية إلى أن تحذو حذو مصر وتشكل مجالس مشابهة، وبعد عامين أصبح المجلس مختصاً كذلك برعاية العلوم الاجتماعية.. وظل المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية يمارس دوره فى الحياة الثقافية والفكرية فى مصر، وقد تغير اسمه بعد عام 1980، ليصبح “المجلس الأعلى للثقافة”.

معاهد السينما والفنون


من بعد وزارة الثقافة، كانت هناك ثورة أخرى تخص السينما والمسرح وباقى الفنون، قتم إنشاء مصلحة السينما، لكى تكون نواة فنية تحيط بعناية فنون المسرح والسينما والفنون التشكيلية، وإنشاء المعهد العالى للسينما عام 1959 إضافة إلى ذلك تم إنشاء إدارى الثقافة والنشر ومركز الفنون الشعبية والجماهيرية، الذى كان نواة فيما بعد لإنشاء الهيئة العامة لقصور الثقافة، للعمل على خلق مساحة إبداعية ثقافية تجمع الأجيال المختلفة من المصريين والعرب من المثقفين والمبدعين.

معرض الكتاب


وقبل أن يغيب ناصر عن دنيانا بعام، انطلق معرض القاهرة الدولى للكتاب  أكبر معارض الكتاب فى الوطن العربى والشرق الأوسط، وأحد أكبر 10 معارض على مستوى العالم، والذى بدأ عام 1969،  بقرار من وزير الثقافة آنذاك ثروت عكاشة وإشراف من الكاتبة الكبيرة الرحلة سهير القلماوى.

الثقافة الجماهيرية


كان لثروت عكاشة وزير الثقافة فى ذلك الوقت فضل نقل تجربة قصور الثقافة التى شاهدها فى فرنسا، فأنشأ فى ديسمبر 1960 قصورا للثقافة فى المدن لنشر الثقافة فى الأقاليم، بالإضافة إلى تنظيم قوافل ثقافية تجوب الأقاليم وتعرض الأعمال الفنية الراقية على العمال والفلاحين وترعى أعمال الموهوبين.


وقدم عكاشة شهادته عن “الثقافة الجماهيرية” فى كتابه “مذكراتى فى السياسة والثقافة” فقال: “أشهد الله أن إقامة قصور الثقافة فى الأقاليم كان من الممكن أن تتعرض لعقبات وعقبات لولا ما كنت ألقاه من تأييد من جمال عبدالناصر، وكان تأييده المطلق إنشاء قصور الثقافة إيمانا منه بأن الثقافة ضرورة من ضرورات الحياة والتقدم، ويؤكد هذا إنشاؤه وزارة للثقافة وأخرى للبحث العلمى”.


كما تحدث عن فكرة إنشاء هيئة قصور الثقافة أو الثقافة الجماهيرية، حيث أشار إلى أنه كان يرى أن لا ازدهار لثقافة قومية إلا إذا عبرت عن فئات المجتمع المختلفة فى المدينة والقرية على السواء، فإذا أهملت فئة من الفئات كانت ثقافة ينقصها الشمول، ولا قيام لثقافة جامعة إلا إذا مكنا الكل من الارتشاف من المناهل الثقافية لا فرق بين طبقة وطبقة ولا بين فرد وفرد.



المصدر

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق