رحمة للعالمين.. في ذكرى مولده 5 من مشاهد “الرحمة” في حياة ال



06:30 م


الإثنين 18 أكتوبر 2021

كتبت – آمال سامي:

“وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ” هكذا وصف الله سبحانه وتعالى نبيه في كتابه العزيز، وأوضح لنا كيف أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم كانت رحمة للبشرية جمعاء، فكانت حياة النبي ممتلئة بالرحمة ليس فقط للمسلمين بل ولغير المسلمين، وللحيوانات والجمادات أيضًا، في السطور التالية نستعرض أبرز مواقف الرحمة في حياة نبي الرحمة..

رحمة الرسول بغير المسلمين

لعل من أبرز مواقف رحمة النبي صلى الله عليه وسلم ما كانت في غير المسلمين، بل في ألد أعدائه، وذلك حين اشتد عليه أذى قومه فجاءه جبريل يخبره أنه لو أراد أن يعذبهم لعذبهم، فيروي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشدَّ من يوم أحد؟ قال: “لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشدَّ ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت. وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلَّا وأنا بقرن الثَّعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلَّتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إنَّ الله قد سمع قول قومك لك وما ردُّوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال فسلَّم عليَّ، ثمَّ قال: يا محمَّد، فقال: ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين. فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئًا”.

كذلك كانت رحمة النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الأسرى، فيقول ابن عباس: أمر رسول الله أصحابه يوم بدر أن يُكرموا الأُسَارى, فكانوا يُقَدِّمُونهم على أنفسهم عند الغداء، وذلك امتثالًا لقوله تعالى: “وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا”.

كذلك كان تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع ابنة حاتم الطائي نموذجًا للرحمة، إذ أسرت مع قبيلة طيء، فمن عليها، ولكنه طلب منها ألا تتعجل بالخروج حتى تجد الثقة الذي يرافقها لبلادها، بل كساها الرسول صلى الله عليه وسلم وأعطاها نفقة، فتروي سفانة ابنة حاتم الطائي كي فمرَّ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقامت إليه، فقالت: يا رسول الله، هلك الوالد، وغاب الوافد، فامْنُنْ علَيَّ مَنَّ الله عليك… فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قَدْ فَعَلْتُ، فَلا تَعْجَلِي بِخُرُوجٍ حَتَّى تَجِدِي مِنْ قَوْمِكِ مَنْ يَكُونُ لَهُ ثِقَةً حَتَّى يُبَلِّغَكِ إلَى بِلادِكِ، ثُمَّ آذِنِينِي”.

تقول ابنة حاتم الطائي: وأقمْتُ حتى قَدِمَ رَكْبٌ من بَلِيٍّ أو قضاعة، وإنما أُرِيد أن آتي أخي بالشام، فجئتُ فقلتُ: يا رسول الله، قد قدم رهط من قومي لي فيهم ثقةٌ وبلاغ. قالت: فكساني، وحَمَلَني، وأعطاني نفقة، فخرجتُ معهم حتى قَدِمْتُ الشام”.

رحمة النبي بالجماد.. ضمّه لجذع أنّ!

كان حنين الجذع لرسول الله صلى الله عليه وسلم من مشاهد السيرة الشهيرة التي تظهر إلى أي مدى كانت رحمة الرسول للعالمين، حتى الجمادات، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم: كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار، أو رجل: يا رسول الله، ألا نجعل لك منبرًا؟ قال: “إن شئتم”، فجعلوا له منبرًا، فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النَّبي صلى الله عليه وسلم فضمَّه إليه أي: ضمَّ جذع النخلة إليه عليه الصلاة والسلام. تئنُّ أنين الصبي الذي يسكن، قال: “كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها”.

رحمة النبي بالنساء

روي لنا كثير من سيرة النبي في مواقف عدة كان فيها رحيمًا بالمرأة، لعل أبرزها وأولها أنها جائت ضمن وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع، فقال: “فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ”.

وتروي عائشة رضي الله عنها كيف كانت رحمة النبي بالمرأة وهي حائض، فتقول: “كُنْتُ أَشْرَبُ وَأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ، فَيَشْرَبُ، وَأَتَعَرَّقُ الْعَرْقَ وَأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ”، وتروي كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يرحم امرأته ويرفق بها في شتى المواقف، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: “وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُومُ عَلَى بَابِ حُجْرَتِي، وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ، فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، لِكَيْ أَنْظُرَ إِلَى لَعِبِهِمْ، ثُمَّ يَقُومُ مِنْ أَجْلِي، حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَنْصَرِفُ! فَاقْدِرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ، حَرِيصَةً عَلَى اللهْوِ”.



المصدر

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق